وقفت منيره
من شمس الحرية كما استقبلت رئتيها نسائم الهواء العليل التي استنشقته بكل طاقتها وكأنها كانت بالداخل تحرم من التنفس ومن الحياة نفسها نعم هى طوعت تلك الايام في عمل الخير وأكثرة من الصلاة وقرأة القرآن ولكن كان ينقصها الحرية التي لو وزنت بالحياة نفسها لوزنتها جالت بنظرها في أرجاء المكان لكي تتعرف على طريق عودتها فتوقفت بنظرها على نقطة محددة تكاد لا تصدق ما تراه عينيها اتسعت ابتسامتها تدريجيا وهى ترى ذلك العجوز يقف مستندا على عصاه القديمة ويمسك بيده هاتف وفور رؤيته لها ضغط على ذره فصدح منه صوت موسيقى شعبية اقتربت منه ببطئ وصوت ضحكتها يكاد يعلو على صوت موسيقا من فرط سعادتها ثم ما لبثت أن تحولت ضحكتها إلي بكاء لا تعلم من السعادة لتذكر ذالك العجوز ميعاد خروجها أم من الحزن في فقد أخر آمالها في وجود أحد من عائلتها في استقبالها كعادة من يخرجون من ذلك المكان وقفت أمامه تمسح دموعها بظاهر يديها فاقترب منها يربت على ظهرها بحنو يطيب خاطرها ويجبر كسرها.
ابتسمت مكة برقة وهزت رأسها برفق.
فاهمة يا بابا أمين ربنا يكرمك ويخليك ليا وميحرمنيش منك ربنا أبدا أنت الوحيد اللي جبرت خاطري وجيت ليا تاخدني من هنا.
ربت أمين على ذراعها برفق.
ايوة كدا هى دي مكة بنتي وبعدين دا انا جايلك مخصوص استقبلك ومشغلك مزيكة حسب الله على محمول السواق بتاع التاكسي عشان افرحك تقومي ټعيطي وتزعليني.
ههههههههه حقيقي يا بابا أمين فرحت جدا بمجيك ليا النهاردة معلش متزعلش انا مش قصدي اعيط وازعلك كل الحكاية أن كان عندي أمل الاقي حد منهم هنا النهاردة.
هز أمين بنفي
ولا يهمك يا حبيبتي حقك تزعلي بس انا قولتلك قبل كدا انسيهم زي ما نسيوك وارميهم من ورا ضهرك ودوري أزاي تعيشي حياتك براحة وسعادة وبس.
حاضر يا بابا هنساهم مش لاني عايزة كدا لأ هنساهم لأن انا مش فارقة معاهم اصلا يلا عشان التاكسي اللي مستنينا وهيعد على حضرتك فلوس كتير.
زفر أمين براحة لتفهمها ورزانة عقلها.
يلا بينا يا بنتي إيدك على إيدي نعكز على بعض وتواجه دنيتنا سوى يمكن نلاقي العوض اللي يريح قلوبنا ويعوضنا عن كل لحظة قسۏة عشناها.
جلست منيرة تنوح بقلب مكلوم تنعي بمر كلماتها أبنتها الصغرى نرمين تلك الزهرة اليافعة التي قطفتها يد الغدر ورمت بها في الأرض تدهسها الأقدام حتى ذبلت وأندثرت ولم يبقى لها أثر في البداية لم تصدق منيرة خبر ۏفاتها قتلا على يد زوجها ماجد لكنها تيقنت أنها فقدتها فعلا حين جاءت لها من الخارج في صندوق المۏتى لتواريها التراب وتدفنها بجانب والدها منذ أيام قليلة لم يتحمل نجيب صوتها الذي بات يبغضه بقوة ووقف ينظر عليها بضيق من بعيد ثم اقترب منها يظهر لها جانبه الحزين والذي يجيد تمثيله عليها جيدا فمنذ أن طلق زوجته مرغما وهو ترك لها منزله لتقيم به مع أبنته الصغرى وجاء ليقيم معها بمنزلها فليس له مكان آخر يذهب له جلس بجانبها يربت على كتفها بلين.
شهقت منيرة پبكاء مرير.
مفيش حاجة في الدنيا أصعب من فراق الضنا يا سي نجيب انا مكنتش أعرف أن فراقها هيوجع روحي كدا دي مهما كان لسه صغيرة وملحقتش تفرح بشبابها منه لله جوزها ربنا ينتقم منه وحسبي الله ونعم الوكيل فيه.
ما انا ياما قولتلك بلاش منها الجوازة السودا دي مسمعتوش كلامي وادي اخرتها كوش على كل فلوسها ولما خلصهم قټلها.
انتحبت منيرة بقوة وهى ټضرب على فخذيها.
وانا كان في إيدي ايه أعمله وهى كانت بتحبه وھتموت عليه ومشت اللي في دماغها ومسمعتش كلامنا ولا كلام اخوها.
نجيب بتأفف ونزق.
خلاص يبقى هى اللى أختارت مصيرها بإيدها والمثل بيقول قتيل إيديه ميتحزنش عليه وكفايك عياط ونكد بقى اصل اخرج واسيبلك البيت وامشي انا مش ناقص غم اصل اللي فيا مكفيني.
طالعته منيرة بحزن.
فيك أيه يا سي نجيب في حاجة حصلت لك
زفر نجيب بضيق.
قرفان يا منيرة من ساعة مرات ابني ما ابنها ماټ وهى بتولده وسقطت تلات مرات بعد منه وبقالها سنة محملتش تاني نفسي اشوف ليا حفيد بقى وخصوصا بعد وفاء بنتي الكبيرة ما خلاص مفيش أمل انها تخلف بعد ما رفضت