من المقصود بالمنادى فى قوله تعالى ."فَناداها مِن تَحتِها أَلّا تَحزَني قَد جَعَلَ رَبُّكِ تَحتَكِ سَرِيًّا"
انت في الصفحة 1 من صفحتين
قوله تعالى فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا اعلم أولا أن في هذا الحرف قراءتين سبعيتين قرأه نافع وحفص عن عاصم وحمزة والكسائي فناداها من تحتها 19 24 بكسر الميم على أن من حرف جر وخفض تاء تحتها لأن الظرف مجرور ب من وقرأه ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وشعبة عن عاصم فناداها من تحتها بفتح ميم من على أنه اسم موصول هو فاعل نادى أي ناداها الذي تحتها وفتح تحتها فعلى القراءة الأولى ففاعل النداء ضمير محذوف وعلى الثانية فالفاعل الاسم الموصول الذي هو من .
وإذا عرفت هذا فاعلم أن العلماء مختلفون في هذا المنادي الذي ناداها المعبر عنه في إحدى القراءتين بالضمير وفي الثانية بالاسم الموصول من هو فقال بعض العلماء هو عيسى وقال بعض العلماء هو جبريل وممن قال إن الذي نادى مريم هو جبريل ابن عباس وعمرو بن ميمون الأودي والضحاك وقتادة والسدي وسعيد بن جبير في إحدى الروايتين عنه وأهل هذا القول قالوا لم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها .
فإذا علمت ذلك فاعلم أن من قال إنه الملك يقول فناداها جبريل من مكان تحتها لأنها على ربوة مرتفعة وقد ناداها من مكان منخفض عنها وبعض أهل هذا القول يقول كان جبريل تحتها يقبل الولد كما تقبله القابلة والظاهر الأول على هذا القول وعلى قراءة فناداها من تحتها بفتح الميم وتاء تحتها عند أهل هذا القول فالمعنى فناداها الذي هو تحتها أي في مكان أسفل من مكانها أو تحتها يقبل الولد كما تقبل القابلة مع ضعف الاحتمال الأخير كما قدمنا أي وهو جبريل فعلى القراءة الأولى على هذا القول فناداها هو أي جبريل من تحتها وعلى القراءة الثانية فناداها من تحتها أي الذي تحتها وهو جبريل وأما على القول بأن المنادي هو عيسى فالمعنى على القراءة الأولى فناداها هو أي المولود الذي وضعته من تحتها لأنه كان تحتها عند الوضع وعلى القراءة الثانية فناداها من تحتها أي الذي تحتها وهو المولود المذكور الكائن تحتها عند الوضع وممن اختار أن الذي ناداها هو عيسى ابن جرير الطبري في تفسيره واستظهره أبو حيان في البحر واستظهر القرطبي أنه جبريل .
فحملته يعني عيسى فانتبذت به أي بعيسى .
ثم قال بعده فناداها فالذي يظهر ويتبادر من السياق أنه عيسى .
والقرينة الثانية أنها لما جاءت به قومها تحمله وقالوا لها ما قالوا أشارت إلى عيسى ليكلموه كما قال تعالى عنها فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا 19 29 وإشارتها إليه ليكلموه قرينة على أنها عرفت قبل ذلك أنه يتكلم على سبيل خرق العادة لندائه لها عندما وضعته وبهذه القرينة الأخيرة استدل سعيد بن جبير في إحدى الروايتين عنه على أنه عيسى كما نقله عنه غير واحد و أن في قوله ألا تحزني هي المفسرة فهي بمعنى أي وضابط أن المفسرة أن يتقدمها معنى القول دون حروفه كما هنا فالنداء فيه بمعنى القول دون حروفه ومعنى كونها مفسرة أن الكلام الذي بعدها هو معنى ما ص 395 قبلها فالنداء المذكور قبلها هو لا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا .