لم اكن جاوزت الثلاثين
انت في الصفحة 4 من 4 صفحات
لا أدري لماذا انقبض صدري حين دخلت البيت.. استعذت بالله من الشيطان الرجيم.. أقبلت إليّ زوجتي.. كان وجهها متغيرًا.. كأنها تتصنع الفرح.. تأمّلتها جيدًا.. ثم سألتها: ما بكِ؟ قالت: لا شيء.. فجأة تذكّرت سالمًا.. فقلت.. أين سالم ؟ خفضت رأسها..
لم تجب.. سقطت دمعات حارة على خديها.. صرخت بها.. سالم.. أين سالم..؟ لم أسمع حينها سوى صوت ابني خالد.. يقول بلثغته: بابا.. ثـالم لاح الجنّــة.. عند الله.. لم تتحمل زوجتي الموقف.. أجهشت بالبكاء.. كادت أن تسقط على الأرض.. فخرجت من الغرفة..
عرفت بعدها أن سالم أصابته حمّى قبل موعد مجيئي بأسبوعين.. فأخذته زوجتي إلى المستشفى.. فاشتدت عليه الحمى.. ولم تفارقه.. حتى فارقت روحه جسده.. أحسست أن ما حدث ابتلاء واختبار من الله سبحانه وتعالى… أجل إنّه اختبار وأيّ اختبار؟!
صبرت على مصابي وحمدت الله الذي لا يحمد على مكروهٍ سواه.. ما زالت أحس بيده تمسح دموعي، وذراعه تحيطني.. كم حزنت على سالم الأعمى الأعرج!!! لم يكن أعمى، أنا من كنت أعمى حين انسقت وراء رفقة سوء، ولم يكن أعرج، لأنه استطاع أن يسلك طريق الإيمان رغم كل شيء.. سالم الذي امتنعت يومًا عن حبّه!!
اكتشفت أنّي أحبّه أكثر من أخوته!!! بكيت كثيرًا … كثيرًا، ومازلت حزينًا…كيف لا أحزن وقد كانت هدايتي على يديه؟! متــأكّــدًا لـو أنـكم عرفتـم "ســالـم "ســتحبّونه أكثـر ممّـا أحببنــاه إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف
... يا الله إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي... يا الله لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم