الإثنين 25 نوفمبر 2024

خالتي بقلم ايمان فاروق

انت في الصفحة 33 من 58 صفحات

موقع أيام نيوز

. . . . . . . . 
ليتهم يعلمون فضلها عليهم فكم عانت وقاست منذ ان حملتهم نطفة في رحمها الى ان صارا علقة ومضغة لتتحملهم وهنا على وهن تسعة أشهر دون ملل ..معاناتها كانت حلم جميل لها فكم استمتعت بتلك النطفة التي ارتبطت بها لتنموا بداخل احشائها وهى تدعو الله ان تكتمل نبتتها دون النظر لعنائها وهى الأن تسير في الطرقات بائسة في حزن وريبة مما ينتظرها من مجهول قادم بينهم نعم هى ضلت الطريق معهم وتعثرت أقدامها امام خطواتهم التي تهرول في الفرار من أحضانها ..تخر قواها لتجلس فوق احد الارصفة من جديد لتستمد منها القوة حتى تستطيع المقاومة لتقف مجددا بعد ان استلقطت انفاسها مجددا وهى تحاول ان تجد حل لوضعها هذا لتحمل ألامها واعبائها فوق اكتافها في حزن ارهقها فهى الى الأن لا تعلم الى اين ستتهادى خطواتها لتسير بعدها في تيته وحزن لتقرر الذهاب الى احد الدور التي ترعى المسنين امثالها لتستوقف عربة أجرى وتستقلها في تية والبكاء يغلبها فلم تنتبه لهوية السائق الذي لم يكن رجلا بل سيدة وقورة اربعينة العمر لتهاتفها قائلة على فين ياستةالكل 
لتنتبه فريدة لهذا الصوت الأنثوي وترفع وجهها للأمام لتشاهد تلك السيدة العظيمة التي تعمل سائق أجرة لتبتسم لها بتقدير عبر مرأة السيارة الأمامية لتقول متمتة أي حته اتاوى فيها يابنتي .
تنهيدة حارة من السائقة التي يقابلها الكثير من امثال تلك المسنة والذين ترهقهم الحياة فمن المؤكد أن خلفها حكاية مريرة لتقرر ان تخرجها من هذه الحالة قائلة روقي يا أمي ..الدنيا مش مستهلة بكا عليها ..خلى بالك من صحتك ..محدش يستاهل ان تبكي عليه.
فريدة وهى تحاول ان تتملك نفسها من البكاء لترفع يدها لتمسح العبرات المتوافدة عليها دون رغبة منها فهى تحاول التماسك ولكن رغما عنها تنتابها تلك الحالة الحزينة لتردف لها قائلة ڠصب عني والله ..الام يا بنتي لما بتكبر مبيبقلهاش لزمة خلاص قالتها بمرارة تصبغ حلقها .
تقابلها الاخرى التي يقابلها من الحكايات اطنانا كل يوم فهناك من ترك ابية واخر رمى امه وهناك من ترك الاثنين ونظر إلى نفسه فقط ..كما هناك اباء وامهات غير بارين بأبنائهم كزوجه أخيها التي رمت أولادها وهم صغار بعد ان ټوفي أخيها وتزوجت بغيره وهى لا تعبئ لهم شئ وهى الأن التي تعول هؤلاء الأبناء الذين يصرون على منادتها بماما وهى العمة التي ضحت من اجلهم مما تجعلها تردف اليها قائلة بعدما سردت قصتها لتلك السيدة الحنونه ها ياست الكل ..ايه رأيك في الام دي بقى ..رمت عيالها وبصت لنفسها وسبتهم ليا وانا والحمد لله..ربتهم وكبرتهم .
امعقول ان هناك من القسۏة والانانية ما يجعل ام تفرط في صغارها الى هذا الحد وهل يوجد من الټضحية والفداء بالنفس ما يجعل مثل هذه السيدة التي ضحت بحياتها الخاصة من أجل مراعاة ابناء شقيقها ..سبحان الله في امور الدنيا التي لا تكون على هواء احد لتتنهد بسخرية على تلك الأيام الغريبة وما يقابلها فيها ولن تنكر ان حديث السائقة اهداء من روعها وجعل السواد الذي بداخلها
يتلاشى قليلا ففي الحكاية عبرة بان هناك اباء يحملن القسۏة كما ان هناك اولاد يحملن القسۏة أيضا مما جعلها تتمتم لها بالدعاء ربنا يجازيكي خير يا بنتي ..مفيش حد بيعمل كده غير اللي عندهم قلب كبير ..وانتي شكلك بنت حلال .. بس برضو لازم تفكري في نفسك شويه علشان بكرة ولاد اخوكي هيكبروا ويتجوزم وانتي هتقاسي الوحدة ..شوفيلك راجل ابن حلال يقف جمبك وجم العيال اليتامى دول .
السائقة بوجل فمن منهن لا تود الاستقرار والزواج من منهن لا ترغب في طفل تحمله في احشائها ولكنها يكفيها الأن اولاد أخيها الذين يلقبوها بماما لبنى او لولو كما ينعتوها مدللين لذلك ارادت ان تبوح لها بأكثر مما قالت لتخبرها قائلة بشجن عارفة ياست الكل ..انا اتقدملي ياما ..لكن كان في واحد بس هو اللي عليه العين ..ولما سافر يكون نفسه وبقى معاه فلوس رجع بس كان شرطه اني اسيب ولاد أخويا وخيرني بينهم وبينه اتاريه كان مظبط مع واحدة تانية خالص من صحباتي اللي كانت تعرف بحكايتنا ..ولما قلتله مقدرش اعيش وولاد أخويا اسيبهم وانت كنت مواعدني اننا هنراعيهم سوا ..اتنصل مني واتهرب وراح خطبها واتجوزها وجاب منها عيلين كمان وانا كملت مشواري مع ولاد أخويا بعد ما قفلت باب الجواز وباب الصداقة لان غدر الصحاب بيبقى اقوى من غدر الحبيب واكملت بسخرية بعدما استشعرت الۏجع مرة أخرى جرلء تذكرها هذا الغادر وهذة الغادرة والا متفرقش كله غدر وجعهم واحد.
ارادت ان تسحبها نحوها الان لتضمها الى صدرها الحنون وتربت عليها كما كانت تربت وتهدهد بناتها ابتهال ورهف لتهتف مؤازرة لها بالحوار وتقص عليها حكايتها بستفاضة لتقابلها بالتعجب من امر هؤلاء الأولاد الذين يضحون بام كهذه ..كيف لهم ان يتجرأو بأن يأذوا مشاعر جنتهم على الارض ليتها ظلت صغيرة ولم تفارق حض امها وابها الذين تركاها وحيدة في هذه الدنيا الغادرة كحال قانتيها فهناك بشړ يحملن للغدر عنوان ..ظل الحوار متبادل بينهن لتقف لبنى على جانب الطريق امام احد المطاعم قائلة ثواني وارجعلك ياست الكل ..اجيب لقمه كده وارجعلك .
لتومي لها السيدة بالموافقة ومالة يابنتي ..براحتك ..لتتوجه الأخري وتقوم بشراء بعض الشطائر تكفي لشخصين وتقوم بشراء زجاجتين من احد انواع المشروبات الغازية الباردة وتتوجه الى العربة مرة اخري وتصتحب السيدة فريدة في طريقها وتصل إلى كورنيش النيل لتقف بجواره لتصف سيارتها بحزر وتطلب من السيدة فريدة مرافتها للجلوس قليلا امام النيل الأزرق الذي رؤيته تسر النفوس العليله وتعطيها الأمل والتفائل لتقابلها السيدة فريدة بالموافقه بعد إصرار الاخرى عليها واستحلفها قائلة بالله عليكي يا أمي تنزلي معايا ناكل لقمة سوا واهو نتونس شويه ببعض ..بالله عليكي .
جلسن يتناولن الشطائر بهدء كما لو كانو يضغطون على انفسهن فليس هناك شئ يفتح الشهية ليتبادلن الحديث بينهن بألفة فلبنى تتطوق لمشاعر البنوة التي استشعرتها من خلال هذه المرأة العطوفة برغم ما تحملة من كيلام وفريدة تتمنى ان تنول بر اولادها الذين يريدون التنصل منها والبعد عنها لتغني كل واحدة للأخرى بما تقاسيه من غدر لتهون بذلك جراح الاخرى فالهمزم تتفرق على الجميع فليس بين البشر من يتمتع بهدوء وراحة البال ..لتقابلها لبني في سؤال هو انتي ملكيش حد عزيز تروحيله غير موضوع دار المسنين دا يا أمي ..حساه مش مريح.
فريدة بيأس وهى تفكر في من تلجأ اليه سوى ابنتها الغائبة رهف ولكن اين هى الأن والله يا لبني يابنتي الوحيدة اللي كان ممكن أروح ليها بنتي رهف ..ولكنها مع الأسف الشديد عايشة مع جوزها برة مصر . 
ليومض بداخلها أمل تستمد منه الحنان فأبنتها رهف دوما تكون هى طاقة نورها فهى الأخرى لن تستريح لأمر هذه الدار كما اخبرتها لبني فهى دائمة القلق من مثل هذه الاماكن
32  33  34 

انت في الصفحة 33 من 58 صفحات